كنت في ملتقى الفكر الإسلامي عندما تحدث السفير الألماني عن الإسلام وقال للحاضرين يجب ان تصححوا أوضاع المرأة عندكم ! فإن صورة المرأة الإسلامية تنفر أوروبيين من الدخول في الإسلام !!
قال لي أحد المستمعين : ماذا نفعل ؟ فقلت له : عندما يعرض التاجر سلعته فيضفي عليها صفات ليست لها فإنه يكون غشاشا ، وعندما يعرضها وهو غير خبير بخواصها ، فتبدو للناس دون مستواها فإنه يكون مغفلا ، وسيظلم بضاعته ويجر عليها الكساد !
والرجل – بعد ما شرح الله صدره للإسلام – يقول للمسلمين : أحسنوا عرض دينكم ، ولا تصدوا الآخرين بسوء الفهم وسوء العمل ! لنفرض أن رجلا كل رأسماله في السنة حديث الحاكم في المستدرك أن المرأة لا تتعلم الكتابة ، أو حديث صاحب الزوائد أن المرأة لا ترى رجلا ولا يراها رجل ، ثم جاء هذا المسكين ببضاعته المزجاة أو أحاديثه الموضوعة والمتروكة يعرض الإسلام على أهل أوروبا أو أمريكا ، هل يدخل في الإسلام أحد ؟ هل يحترم الإسلام رجل أو تحتفي به امرأة ؟؟
إن بعض المسلمين يعرضون دينهم مزوَّرا دميم الوجه ثم يذمون الناس لأنهم رفضوه ، وعندي أن هذا البعض الجهول يجب سجنه أو جلده لأنه صاد عن سبيل الله ، فتان عن الحقيقة التي صدع بها صاحب الرسالة الخاتمة عليه الصلاة والسلام .
إن الإسلام سوَّى بين الرجل والمرأة في جملة الحقوق والواجبات ، وإذا كانت هناك فروق معدودة فاحتراما لأصل الفطرة الإنسانية وما ينبني عليها من تفاوت الوظائف ! وإلا فالأساس قوله تعالى : ' فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ) وقوله تعالى : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )).
إن هناك تقاليد وضعها الناس و لم يضعها رب الناس دحرجت الوضع الثقافي و الاجتماعي للمرأة ، واستبقت في معاملتها ظلمات الجاهلية الأولى ، وأبت إعمال التعاليم الإسلامية الجديدة فكانت النتائج أن هبط مستوى التربية ومال ميزان الأمة كلها مع التجهيل المتعمد للمرأة والانتقاص الشديد لحقوقها ..
قال لي أحد المستمعين غاضبا : أيسرُّك أن تكون بنازيربوتو رئيسة وزراء ؟ فقلت ضاحكا : سألني مسلم انكليزي : هل يحاربون (( مسز تاتشر )) لأنها امرأة تولت الحكم ؟ فقلت له : بماذا تجيب هذه المرأة ! إذا قالت لك – وهي واسعة الثقافة – إنني توليت الحكم على مذهب أهل الظاهر في الفقه الإسلامي ! .
ثم استتليت : لا تجعلوا بعض الأحكام الفرعية المختلف فيها حجر عثرة أمام عقائد الإسلام وأركانه الكبرى ...
ويقول الشيخ الغزالي رحمه الله في مقدمة كتابه قضايا المرأة :
إن الأوروبيين يعرفون ملابس الفضيلة في أزياء الراهبات عندهم وهذه الأزياء أقرب ما تكون إلى الحجاب الشرعي عندنا .
وإذا نحن التزمنا بهذا الحجاب أنصفنا ديننا ، وأغرينا عشاق الفضيلة بالدخول فيه ..
أما إخفاء الأيدي في القفازات وإخفاء الوجوه وراء هذه النقب ، وجعل المرأة شبحا يمشي في الطريق معزولا عن الدنيا ، فذاك ما لم يأمر به دين ...
مختارات من كتاب قضايا المرأة
الشيخ محمد الغزالي رحمه الله
0 comments :
إرسال تعليق